أخبار سياسية - اقتصادية - فنية - رياضية - عربية - دولية

التدخين وأضراره على الفرد والمجتمع “جزء 2”

الدكرورى يكتب عن التدخين وأضراره على الفرد والمجتمع “جزء 2”
بقلم / محمــــد الدكـــــرورى

التدخين وأضراره على الفرد والمجتمع “جزء 2”

ونكمل الجزء الثانى مع التدخين وأضراره على الفرد والمجتمع، فذكر الله تعالى أن من أسباب تحريم الخمر والميسر الصد عن الذكر وعن الصلاة، وهذه العلة هي متحققة أيضا في الدخان، لأن شاربه في العادة يهرب عن حلق الذكر، والقراءة ويألف اللهو، والباطل عادة، وهو غالبا من أكسل الناس عن الصلاة, وأبعدهم عن حضور المساجد إلا ما شاء الله، ومن صلى منهم رأيت عليه آثار التثاقل، فهو لا يأتي الصلاة إلا دبارا، وهكذا سائر العبادات، وبالأخص الصيام، فإنه أثقل على المدخنين من غيره، لأنهم به ينفطمون عن لذتهم وسلوتهم، وهي التدخين، وينالهم بتركه آلام وصعوبات نفسية، أما ضرر التدخين في المال، فاسأل من يشربه، ماذا ينفق كل يوم في شربه؟ ولو كان ينفق هذا المال فيما يعود عليه وعلى أهله بالنفع من الطعام الطيب والشراب الحلال واللباس المباح.

لكان ذلك خيرا له في دينه ودنياه، ولكنه ينفق الكثير في هذا الدخان الذي لا يعود عليه إلا بالضرر العاجل والآجل، وأما من يتاجر به، ويتكسّب به، حتى صاروا بعد الإعواز واجدين، وبعد الفقر مغتنين، فلبئس ما كسبوا حراما، واكتسبوا آثاما، وإنهم لأغنياء المال، فقراء القلوب، واجدون في الدنيا معدمون في الآخرة، وإنهم إن تصدقوا به لم يقبل منهم، وإن أنفقوه لم يبارك لهم فيه، وإن خلفوه كان زادا لهم إلى النار، أما عن أضرار التدخين على البيئة، فيعد دخان التبغ من أكثر عوامل تلوث البيئة، لاحتوائه على ذرات وغازات معظمها سام أو مؤذى، والتدخين يسبب التلوث الهوائي، وتساهم مخلفاته من علب السجائر الفارغة وأعقاب السجائر والكبريت في إفساد البيئة التي يعيش فيها الإنسان، وكما يسبب تلفا للمفروشات، ويزيد من تكاليف التهوية والصيانة، للحفاظ على بيئة نظيفة وخالية منه.

وأما عن أضرار التدخين الخلقية، فنتيجة لما يُحدثه الإدمان على التدخين من أمراض نفسية وجسدية، وخسارة مالية وغيرها دون فائدة، فإن متعاطيه يشعر بالقَلق والاضطراب النفسي، وتراكم الهموم، ولذلك تجد غالب المدخنين عابس الوجه، مُقطب الجبين، ضيق الصدر والأفق، خصوصا عندما يفقد هذه المادة ولو يسيرا ، لذلك تجده يثور ويغضب لأتفه الأسباب، وقد أثبت الأطباء أن الدخان يتكون من حوالي أربعة ألاف مادة سامة تؤدي كلها إلى تغيرات في الشكل والوظيفة لأغلب أعضاء جسم المدخن، وتؤثر تأثيرا هداما في أجهزته، ومنها مادة النيكوتين التي أثبت العلم أن بعض القطرات منها يمكن أن تقتل حيوانا، ومنها مادة تستعمل في إبادة الحشرات، وأخرى تمنع من نقل الأكسجين إلى أعضاء الجسم، وأخرى تؤثر في القصبات الهوائية.

وأخرى تؤدي إلى تكوين طبقة صفراء على سطح اللسان، وتؤذي غدد الطعم والذوق الموجودة على سطح اللسان، وتسبب في كثرة السعال، وتساعد على إصابة الجسم ببعض الأمراض كالزكام والتهاب الفم والحلق والبلعوم، ومنها أيضا مادة القطران التي تستعمل في تعبيد الطرقات، ولهذا كله، كان الدخان سببا في ضعف الذاكرة، وسببا في أمراض وسرطانات اللثة والأسنان، والفم والشفتين، واللسان والحلق والحنجرة، والصدر والرئتين، والجهاز الهضمي والجهاز التنفسي والجهاز العصبي، والقلب والشرايين، ويؤثر على النسل ويحدث تشوها في الذرية، ولقد أثبتت التقارير الطبية، أن مدخنا واحدا من بين كل مدخنين اثنين يموت بسبب التدخين، وأن المدخن معرّض ثلاث مرات أكثر لخطر السكتة القلبية، وأن التدخين يمكن أن يسبب في موت بطيء ومؤلم، وكثير من سرطانات الرئة بسبب التدخين.

وأنه على رأس كل عشر ثوانى يموت شخص واحد في العالم بسبب التدخين، وهكذا فإن ظاهرة التدخين ظاهرة خطيرة تهدد حياة الأمة لأنها تزداد انتشارا، واتساعا في صفوف أفرادها، مما يفسد أخلاقهم ومزاجهم، ويحطم أجسامهم وعقولهم، ويضعف قوتهم، ويقلل من إدراكهم واستيعابهم، وإن معالجة هذا الوباء، والتخفيف من أخطاره وأضراره، والقضاء عليه، لهي مسؤولية الجميع، بدءا بالمدخن نفسه الذي ينبغي عليه أن يتحلى بتغليب الإرادة، وتقوية العزيمة، وربط الصلة بالله عز وجل، واستحضار مراقبته، والاستعانة به على ترك الدخان، فمن ترك شيئا لله أعانه الله على تركه، وعوضه خيرا منه، والابتعاد عن المدخنين وأماكن التدخين، ومصاحبة الصالحين، وملء أوقاته وفراغه بما ينسيه الدخان ويشغله عنه، وتخصيص بعض وقته لممارسة الرياضة، وغير ذلك من الأمور التي تساعده على ترك الدخان وتجنب أخطاره.