أخبار سياسية - اقتصادية - فنية - رياضية - عربية - دولية

أحمد حسن يكتب مفاتيح الثقة

مفاتيح الثقة

 

بقلم / أحمد حسن 

 

من أهم ما يميز أصحاب الشخصيات القيادية الناجحة هو معدل شعوره بثقته بنفسه أولاً ومدى إيمانه بقدراته في اتخاذ القرار، مواجهة الأزمات والحد من آثارها تلك الثقة تعتبر بمثابة الطاقة الدافعة نحو الوصول إلى قرارات صائبة حتى وان صاحبها تحديات صعبة، مما ينعكس على الفريق المساعد أو المنفذ للخطة والقرار واعطائهم شعور بتلك الثقة التي تسير بهم نحو الطريق الصحيح و المستهدف.

 

تتشكل شخصيات الأطفال في سن متقدمة ويمكن من خلال الملاحظة السلوكية تحديد شخصية الطفل بشكل كبير، كما تختلف كل شخصية من شخصيات الأخوة عن بعضهم ويرجع ذلك إلى عوامل وراثية واخرى إجتماعية نتيجة تراكم الخبرات والقدرة على المواجهة وتعدد التجارب والمرور بالنجاحات أو الاخفاقات ومن هنا ينمو أول براعم تلك الثقة عند خوض التجارب وتذوق طعم النجاح حتى وان سبقه إخفاق في خوض تلك التجارب.

 

لذا حدثنا أساتذة علم النفس أن الطفل الذي يحظي بإهتمام زائد ومبالغ فيه من أحد الأبوين أو كلاهما تجده أقل ثقة ويظهر عليه علامات التردد في إتخاذ القرارات التي تتطلب رد فعل سريع حتى ولو في ادأبسط الأمور ويأتي الطفل الغير مدلل على عكس ما ذكر لما يواجهه من مشكلات يخوض تجاربها بنفسه بشكل أو بآخر فتتشكل لديه شخصية قادرة على المواجهة نابعة من خبرات تعدد تلك التجارب.

 

مابين الثقة وغرور الثقة …..

فرق شاسع مابين الشعور بالثقة والقدرة على المواجهة وما بين غرور الثقة أو الثقة الزائدة عن المعدل الطبيعي والتي تأتي بنتائج عكسية ترمي بصاحبها ومن يتبعه إلى الهاوية والتي يعقبها من نتائج عكسية وسلبية أيضاً على صاحبها يخلف إنعدام تام بثقته بنفسه وكل من حوله أن الثقة المبنية على الاعتدال تشعر صاحبها بقدراته الحقيقة وتحدد له من المساحات الآمنه التي دورها أن تحميه من الوقوع في الفشل فهي بمثابة مرشد ودليل لاتخاذ القرار الصحيح على عكس الغرور المتعجرف والذي نهايته تبقى محتومة إما بالهزائم المهينة أو صدمة تعرض صاحبها إلى مصحة نفسية لاعادة التهيئة لممارسة الحياة مرة أخرى.

 

الحروب النفسية….

ذلك المصطلح الذي تم استخدامه في عدة حروب واستعمارات خلفت انتصارات في بعض الأحيان وهزائم جثيمة أيضاً تستهدف تلك الحروب في الغالب محور الثقة مابين الشعوب وحكامها أو ما بين الجنود وقاداتهم وخلق جو من البروباجندا الاعلامية والذي بدوره يقوم بهدم جدران الثقة بالنفس للشعوب ويعمل على خفض الروح المعنوية بما يسهل بعد ذلك تلك العمليات العسكرية على أرض المعارك تجد في العصور القديمة حروب التتار وما شكله قائدهم هولاكو في وجدان الشعوب المحتلة من تلك الصورة الذهنية التي خلقها من العتاد والعدة والعدد المهول للجيش المغولي و الهزيمة الحتمية التي يلقاها أي جيش في مواجهة جيوش التتار والذي نجح في إحتلال العديد من البلدان بهذه الطريقة و استسلام العديد من الدول بمجرد إرسال المراسلات الخاصة بتسليم الأرض واما الموت المحقق…

 

في حرب السادس من أكتوبر عام ١٩٧٣م حاول العدو الصهيوني اللعب على هذا الوتر الذي شكل في وجدان الشعب المصري أسطورة خط بارليف الذي لا يقهر وما وراءه من جحيم ينتظر كل من يعبر تلك الحدود والذي كان له من دور في تأخير قرار العبور حتى إستطاع القائد المحنك أنور السادات باللعب على أوتار غرور الثقة من جانب العدو الصهيوني ودعم غرورهم بحنكة ودهاء والذي كان له الأثر الأكبر في وقوع هزيمة مهينة للكيان الصهيوني وعودة الأرض والكرامة.

 

لذا نجد أن الثقة بالنفس ودعمها من أهم متطلبات النجاح بالإضافة إلى ارثاء العقل بالعلم والمعلومات الكافية التي تؤهله لاتخاذ القرارات و معرفة أوقات الصمت والحديث و خوض التجارب والوقوف أمام مواجهة الحروب النفسية التي قد نتعرض لها على مدار الحياة اليومية والتي قد يعقبها إنفعالات قد تقودنا إلى خسارة أو مكاسب، وأن لتلك الثقة منابع قد تأتي من منطلق روحاني وديني مع الأخذ في الاعتبار بالأسباب وسنن الكون و مسببات النجاح ومنها ما هو مبني على دراية وعلم وتجارب وخبرات حياتية تنمي جذور الثقة بالنفس ودعمها.