أخبار سياسية - اقتصادية - فنية - رياضية - عربية - دولية

آسف على الازعاج

آسف على الازعاج

بقلم / أحمد حسن

الخذلان من أسوء أنواع الصدمات التي قد تواجه البعض وخاصة إن إنتاب هذا الشعور محب أو مخلص أو متظاهر بالوفاء …

 

شعور لا يمكن وصفه إلا مقوله للكاتب الكبير أحمد خالد توفيق في مقولته ( كطفل تائه وفجأة ظهر وجه أمه أمامه فيلقي صفعة على وجهه بدل من أن تحتضنه وتعوضه بالأمان وما فقده من حنان)، كما يتهافت أيضاً بنوا البشر على الدنيا ويشترونها بكل غالي وعزيز وفجأة وبدون مقدمات تدير وجهها عنهم …

 

عندها تجدهم مشردين في شوارعها تائهين من أثر تلك الصدمة الغير متوقعة والتي لم تأتي ضمن السياق والخطط الموضوعة أيضاً !

 

كم منا إرتبط بعلاقة عاطفية إنتهت بالفشل وهنا أقصد تلك العلاقة الصادقة السوية التي يأمل طرفيها أن تنتهي بالطريق القويم وبناء بيت ومن ثم تكوين أسرة قوامها شخصين أخلصا في بنيانها بنية التعمير والحب الفطري السوي و انتهت بالفشل تحت أي مسمى.

 

هناك أيضاً خذلان من نوع آخر كما تعلق الإبن بأمه أو والده وهنا تنشأ علاقة من نوع خاص والعكس فقد تكون محبة أحد الابناء طاغية وكذا الآباء بالنسبة لأبنائهم،

فانتهت هذه العلاقة بفراق الموت أو الدخول في معترك حياة مادية طاحنة فرقت الأحباء ونجدها قد تأتي بسرعة واكثر قسوة عند فقد الأجداد مثلاً فلك أن تحب ولكن لابد وان تعي أن هناك نهاية تظل بها وحدك( حتمية) .

 

آسف على الازعاج فيلم للفنان الرائع أحمد حلمي والذي جسد حالة من الخذلان لفقد الأب بعد التعلق بحالة خاصة جداً فرض فيها ذلك الأب نفسه على شخصية الابن ولم تُعطى له الفرصة لكي يشعر أن يوماً ما سوف يأتي بدونه ولابد أن تستمر الحياة فكانت النتيجة باصابته بمرض الفصام وما خلفته آثار الفقد والخذلان بترك الابن وحيداً بدون بدائل تحقق له رغباته فصنع من وحي خياله شخصيات تعامل معها أيضاً بحرفية المخرج وما أتت به أحداث الفيلم.

 

حديثي هنا لضعاف القلوب أو أرقها ولكن من يجيد تخطي تلك المشاعر الرقيقة ويقوم بدهسها بكل إرياحية وبسهولة ويسر فليبتعد الآن فوراً فلن يجد ما يفيده أو حتى يقتنع به..

 

إن كنت من ضمن هؤلاء أصحاب مبادئ العشرة والعيش والملح واللمة وسهرات الصحبة ولمة العيلة أو حتى محبي جلسات البيوت بحضن الأسرة وممارسة كافة الطقوس الجماعية لابد و ان تستعد أنك سوف تلقى مصير الوحدة ولو لمرة واحدة إن كنت تمتلك إبناً أو حفيداً يحبك أكثر من أي شيء آخر…

 

فلابد وان توجهه أن الحياة لن تسير على وتيره واحدة و ان نفسه أحق أن يحبها أيضاً ويجعلها ونيساً له في أوقات الوحدة أو الفقد حتمية الوصول أو يتعلق بخالقه أولاً و اخيراً فهو الباقي بعد كل شيء

فقد تتعلق بأشياء معنوية أيضاً كتعودك بوجودك في اطار وظيفي أو كادر ومنصب مرموق بالمجتمع ووجودك منذ أمد بأماكن القيادات وأوائل الصفوف والنخبة…

 

فلابد أيضاً أن تعترف أن الكون له سنن التبديل والتغيير فلن تسير على نمط واحد ذلك يجلب لك الأمان والراحة النفسية حتى في حكمك على الأمور فكونك ترى مكانك نصب عينيك بعد فترة زمنية ليست بالكبيرة تجعلك اكثر حكمة وموضوعية في حكمك على الأمور وتجلب لك المرونة عند انتهاء الفرص وان تسير سنن الله في خلقه وكونه ايضا تجدها اكثر سهولة ويسر.

 

هكذا مخارج أو ما يسمى “بفن التخلي” والتى قد تجدها لتتخطى صدمات الخذلان أو الفقد التي نتعرض لها ما حيينا فأحبب ما شئت فإنك مفارقه.

آسف على الازعاج