أخبار سياسية - اقتصادية - فنية - رياضية - عربية - دولية

كيف نحمى أطفالنا من التنمر

بقلم/ أمل محمد أمين

كيف نحمى أطفالنا من التنمر

بقلم/ أمل محمد أمين

رودينا” ملاك صغير سقطت ميتة ضحية لتنمر زملائها عليها في المدرسة، مشكلة لم تهتم بها المدرسة على الرغم من شكوى الفتاة ووقف أمامها والديها عاجزان حتى أصبت الفتاة المسكينة ذبحة قلبية بعد أزمة نفسية عاشتها خلال الشهور الماضية بعد أن تعرضت لكلمات قاسية عذبتها حتى توقف قلبها الصغير،

رودينا ليست الوحيدة فقد انتحرت أختين في البرازيل بعد تهكم زملائهن على اللكنة الارجنتية التي ينطقن بها الكلام، كم هو مؤسف أن ترى طفل صغير يبكي دون سبب ويرفض الذهاب للمدرسة ويخاف أن يختلط بأصدقائه كل ما يريده أن ينعزل عن العالم..أحيانا يلاحظ الوالدين ما يمر به طفلهما وأحيانا يضيع هذا الطفل وسط الزحام. ومن اهم أسباب مرور الطفل بهذه الحالة هو التنمر سواء كان لفظي أو جسدي.

 

و يعتبر التنمر أحد أشكال العنف الذي يمارسه طفل أو مجموعة من الأطفال ضد طفل أخر أو إزعاجه بطريقة متعمدة ومتكررة. واهذا يعاقب عليه القانون وقد يأخذ التنمر أشكالا متعددة كنشر الإشاعات، أو التهديد، أو مهاجمة الطفل المُتنمَّر عليه بدنيا أو لفظيا، أو عزل طفل ما بقصد الإيذاء أو حركات وأفعال أخرى تحدث بشكل غير ملحوظ.

 

ويمتلك الأطفال الذين يمارسون التنمّر احساس بالقوة سواء بسبب حجمهم فيكون المتنمر ضخم الجثة أو لديه شعبية كبيرة بين أقرانه وعلى النقيض يواجه الأطفال الأشد ضعفاً خطراً أكبر بالتعرض للتنمر. وغالباً ما يكونون من أحياءٍ مهمشة، أو من عائلات فقيرة، أو ذوي هوية جنسانية مختلفة، أو من ذوي الإعاقات أو مهاجرين أو لاجئين.

 

ويمكن أن يحدث التنمّر بصفة شخصية أو عبر شبكة الإنترنت. وغالباً ما يحدث التنمّر عبر الإنترنت من خلال وسائل التواصل الاجتماعي، أو الرسائل النصية أو الفورية، أو البريد الإلكتروني، أو أي منصة أخرى يتفاعل الأطفال عبرها. وبما أنه لا يُتاح للوالدِين أن يتابعوا دائماً ما يفعله أطفالهم على هذه المنصات، فقد يكون من الصعب إدراك ما إذا كان أطفالهم يتعرضون للتنمر.

 

وقد يعتقد البعض أن التنمر هو لعبة بين الأطفال تحدث وتنتهي وعندما يكبر الطفل سينسى كل شيء لكن في الواقع أن التنمر له أثار خطيرة على الطفل وبالتالي على المجتمع فالأطفال الذين يتعرضون للتنمر أكثر عرضةً للإصابة بالاكتئاب والقلق، والشعور بالوحدة والحزن، وتغيرات في نمط النوم وأنماط تناول الطعام، بالإضافة إلى فقدان الاهتمام بالأنشطة المحببة لهم، حيث تستمر هذه المشكلات إلى سنّ البلوغ، وتلك المشاكل النفسية يتبعها عواقب اجتماعية تؤثرعلى الضحية حتى مرحلة البلوغ، حيث أن 73% من البالغين واجهوا صعوبة بتكوين صداقات بسبب تعرضهم للتنمر في مرحلة الطفولة، مما جعلهم أكثر عرضة للعزلة في مرحلة عمر الشباب، والشعور بالغضب وعدم تقدير الذات وقلة الثقة بالنفس بسبب عبء التنمر.

 

إن أسوء ما يفعله التنمر أن تسود المجتمع ثقافة العدوان والعنف على أنها حلول مقبولة للمشاكل في المجتمع بدلًا من حلها بالطرق السلمية التي تدعم ترابط الأفراد.

 

هل اختبر أحدكم شعور عائلة الضحية بالفشل والعجز لعدم قدرتهم على حماية الابن، وشعورهم بالوحدة والعزلة والقلق، وانشغالهم بالظروف التي يمر بها الابن مما يؤدي إلى إهمال صحتهم.

 

وكيف لهم أن يقنعوا طفلهم بالذهاب إلى المدرسة أو الحضانة حيث تم إيذائه بل ربما يحدث انسحاب كامل للطفل من المدرسة ويحتار الأهل في علاج تلك المشكلة فلا يمكن إجباره على الذهاب.

 

وهنا تتعدد أساليب حل تلك المشكلة وأولها وأهمها أن يعمل الأبوين منذ بداية تنشئة الطفل على بناء الثقة في نفسه وذلك عن طريق تحميله مسئولية إدارة بعض شئون المنزل أو الاهتمام بمن هم أصغر منه، أيضا الحوار مع الطفل بهدوء ومعرفة ما يحدث معه يوميا، ومن المهم أن تتفاعل المدرسة مع المشكلة بمتابعة الطفل ضحية التنمر وأيضا الطفل أو الشخص الذي يقوم بهذا الفعل فكليهما يحتاج العلاج وإذا لم تنجح الطرق التقليدية فلا بد من اللجوء إلى استشاري متخصص لسرعة التعامل مع المشكلة وحلها قبل أن تؤدي إلى عواقب وخيمة.

 

وحاليا يوجد خط ساخن خصصته «يونيسف مصر»، يمكن الاتصال به فورا في حالة تعرض الطفل في المدرسة للتنمر أو في حال عجز ولي أمر عن كيفية التصرف مع تعرض أولاده لحالات تنمر في المدرسة، يمكنه على الفور الاتصال بخط نجدة الطفل لطلب المساعدة، من خلال الاتصال على الرقم 16000 هو خط تليفون تابع لـ«المجلس القومي للطفولة والأمومة»، ويعمل على مدار 24 ساعة لاستقبال الشكاوى الخاصة بتعرض الأطفال للخطر، كما يمكن أيضا إرسال الشكوى  من خلال تطبيق «الواتس آب» على الرقم 01102121600.

 

ختاما أن التنمر سلوك مشين عالجته الأديان السموية وحرمته قال الله تعالى” يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِّن قَوْمٍ عَسَىٰ أَن يَكُونُوا خَيْرًا مِّنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِّن نِّسَاءٍ عَسَىٰ أَن يَكُنَّ خَيْرًا مِّنْهُنَّ ۖ وَلَا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ ۖ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ ۚ وَمَن لَّمْ يَتُبْ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ)  لكن حدة التنمر قد زادت في المجتمع بسبب ضعف الوازع الديني وطغيان المادة على الأخلاق ولذا من الضروري العودة إلى الاهتمام بدروس المادة الدينية في المدارس فكلنا قد خلقنا نحمل خوفا داخليا من عقاب الله وإذا فهم الطفل المتنمر أن ما يفعله يغضب الله ويؤذي أقرانه فسيتوقف عن هذا الفعل المشين، فليتنا نعود جميعا إلى تعاليم الله السمحة حتى نتخلص من هذه العادة الحقيرة التي آذت وأنتهكت العلاقات الطيبة بين البشر.

كيف نحمى أطفالنا من التنمر